الاستخبارات الدنماركية أمام المحاكم لتخليها عن عميلها في “داعش”
الاستخبارات الدنماركية أمام المحاكم لتخليها عن عميلها في "داعش"
جهاز الاستخبارات الدنماركي:
يجد جهازا الاستخبارات الدنماركي “بيت” والعسكري “في”، نفسيهما في وضع
صعب أمام رفع شاب دنماركي من أصول سورية شكوى ضدهما للاعتراف بأنه
كان مُرسلا إلى سورية نيابة عنهما.
وكانت محكمة إسبانية قضت في 2018 بسجن أحمد سمسم (31 سنة) 8
سنوات بعد اعتقاله في عام 2017، على خلفية وجود صور له على جهاز هاتفه
تظهره في سورية. وعلى الرغم من أن سمسم أكد فور اعتقاله أنه لم يكن منتسباً
إلى تنظيم إرهابي، تحديداً “داعش”، وأنه كان يعمل لمصلحة الجهازين الأمنيين، إلا
أن المحكمة الإسبانية حكمت بسجنه في عام 2018، من دون أن تستمع لشهود
من الدنمارك أو تتلقى رداً من الاستخبارات الدنماركية
عائلة سمسم:
عائلة سمسم ومعارفه في كوبنهاغن ظلوا يتواصلون مع وسائل الإعلام الدنماركية،
ومع أحد الأشخاص الذين كانوا مسؤولين عن تواصل سمسم مع الأجهزة الأمنية
من دون نتيجة. وبعد سجال طويل وضغوط محلية، اضطرت كوبنهاغن لنقله إلى
الدنمارك لقضاء محكومية خفضتها المحكمة إلى 6 سنوات، من دون أن تعترف
المخابرات الدنماركية بعلاقة سمسم بها.
وتعود قصة ارتباط سمسم بالأمن الدنماركي إلى ما قبل ظهور تنظيم “داعش”،
إذ سافر إلى سورية في عام 2012، وبعد عودته ظهر في أحد برامج التلفزيون
الدنماركي “دي آر”.
وتواصل جهازا الاستخبارات المدني والعسكري (المسؤول عن العمليات الأمنية
الخارجية) مع سمسم، الذي ترك كوبنهاغن للنأي بنفسه عن بيئة العصابات في
الدنمارك، ودرّباه في أحد المعسكرات في عام 2014 وأرسلاه مع بعض المعدات،
ومنها سترة واقية للرصاص ومنظار ليلي وسيارة دفع رباعي ومنزل متحرك
(كرافان)، إلى سورية.
محاربو سورية :
وكان مطلوباً منه جمع معلومات عمن كان يطلق عليهم “محاربو سورية” من
الدنماركيين. وتلقى أثناء وجوده في سورية مبالغ مالية عبر تحويلات مثبتة لديه،
فضلاً عن اجتماعه مع ضابطين مسؤولين عنه في أقصى جنوبي غرب تركيا، حتى
مغادرته سورية، عائداً إلى الدنمارك.
وبعد سنوات من عدم الاعتراف الرسمي بأنه كان عميلاً لمصلحة الاستخبارات،
فضلاً عن وصفه بـ”الجهادي الخطير” في إسبانيا والدنمارك، جرّ عبر محاميه أربيل
كايا الجهازين الاستخباريين إلى المحاكم الدنماركية، وهي سابقة لم تشهدها البلاد
من قبل.
كوبنهاغن:
والهدف من مقاضاة سمسم للمخابرات الدنماركية في كوبنهاغن “إجبارها على
الاعتراف بأنه كان مخبراً سرياً”، بحسب محاميه، الذي يؤكد أن موكله تعرض
لاعتقال خاطئ في إسبانيا، وكان يمكن أن تحل المسألة على الفور لو أن الجهاز
الأمني في الدنمارك أجاب عن سؤال نظرائه في إسبانيا، لكنه اختار عدم القيام
بذلك.يتسلّح سمسم في مقاضاة مشغليه السابقين بإثباتات عن التحويلات المالية
وعلى الرغم من محاولات محاميه الإسباني إيفان أيبار التواصل مع الاستخبارات
الدنماركية لتأكيد روايته، قبل وصول قضيته إلى المحكمة، إلا أن ذلك قوبل أيضاً
بجدار من الصمت، ما أدى إلى حكم سمسم بالسجن ووصمه بـ”الإرهابي”.
ويتسلح سمسم في مقاضاة مشغليه السابقين بإثباتات عن التحويلات المالية
والاجتماعات والمحادثات مع مشغليه في الجهاز الاستخباري العسكري في
الدنمارك، وهو ما يريد محاميه إظهاره أمام القضاة لتبرئة موكله وإزالة وصف
“إرهابي” عنه.
وشدّد المحامي أربيل كايا على أن موكله سمسم “حاول حل المسألة وديا، لكنهم
تركوه يُحكم ظلماً، ولم يساعدوه في الخروج من هذا الوضع، ولم يبقَ أمامه سوى
هذا الخيار (مقاضاة الاستخبارات)”.
وتحظى قضية سمسم وجرّ الجهازين الأمنيين إلى القضاء باهتمام قانوني في
الدنمارك باعتبارها “سابقة تاريخية” و”مواجهة قانونية مثيرة للغاية”، وفق ما أكد
أستاذ القانون في جامعة جنوب الدنمارك، فردريك فوغا، في تعقيبه على القضية
للتلفزيون الدنماركي.
ولفت الأستاذ إلى أنه “لم تشهد البلاد في تاريخ القضاء أن تُجر أجهزة
الاستخبارات إلى المحاكم، وسيتعين عليها المثول أمام القضاة، لبحث ما إذا كان
أحمد سمسم عميلاً، وهو أمر غير معتاد أيضاً”.
وعلى الرغم من أن تسلح الاستخبارات بالسرية لن يعفيها، بحسب فوغا، من المثول
أمام القضاة إلا أنه يبقى أمام الاستخبارات العمل وفق قاعدة مفادها أن “مراعاة
أمن الدولة والاعتبار لقوى أجنبية” يسمح لها في الامتناع عن تقديم مستندات.
والعمل وفق تلك القاعدة، برأي فوغا، لا يعني عدم مثول ممثلين عن الاستخبارات
أمام القضاة، ولكن لا يمكن للمحكمة إجبارهم على تأكيد صلة سمسم بالجهازين
الأمنيين.